مدونة والسلام

الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

ماذاأصابك ياوطن

عمي فرج‏..‏


رجل بسيط الحال لم يعرف من الأيام شـيئاًغير صمت المتـعبـين كنـا إذا اشـتدت ريـاح
الشك بين يديه نـلتمس اليقين‏..‏كـنا إذا غـابت خـيوط الشـمس عن عينـيه شـيء في
جوانحنـا يضل‏..‏
ويستكين كنـا إذا حامت علي الأيام أسراب من اليأس الجسور نـراه كـنزالحالمين‏..‏كـم
كـان يمسك ذقـنه البيضاء في ألم وينظـر في حقول القـمح والفئـران تـسكـر من دماء
الكـادحين

عمي فـرج‏..


يوما تقلـب فـوق ظـهر الحزن أخـرج صفحة صفراءإعلانا بـطـول الأرض يطلب في بـلاد
النـفـط بعض العاملين همس الحزين وقـال في ألم‏:‏ أسافر‏..‏كـيف يا الله أحتمل البعاد عن
البنية‏..‏والبنين ؟‏!
لم لا أحج‏..‏فـهل أموت ولا أري خير البريةأجمعين‏..لم لا أسافر‏..‏كلـها أوطـانـنـا‏..‏ولأنـنـا
في الهم شرق‏..‏ بيننا نسب ودين‏.لـكنه وطـني الـذي أدمي فـؤادي من· سنين ما عاد
ي
ذكرني‏.....‏نـساني‏.....كـل شيء فيك يامصر الحبـيبة سوف يـنسي بعدحين‏..أنا لـست
أول عاشق نـسيته... هذي الأرض كم نـسيت ألوف العاشقين‏..


عمي فرج



‏‏قـد حان ميعاد الرجوع إلي الوطـن الكـل يصرخ فـوق أضواء السفينةكـلـما اقـتـربت
خيوط الضوءعاودنا الشـجن…. أهواك يا وطني‏..‏فلا الأحزان أنـستني هواك ولا الزمن


عمي فرج‏



‏وضع القميص علي يديه وصاح‏:‏يا أحباب لا تتعجبواإني أشم عبير ماء النـيل فوق
الباخره هيا احملـوا عيني علي كفي أكاد الآن ألمح كل مئذنة تطـوف علي رحاب
القاهره‏..
هيا احملوني كـي أري وجه الوطـن‏..دوت وراء الأفق فرقـعةأطاحت بالقـلوب المستـكينه
والماء يفتـح ألف باب والظـلام يدق أرجاء السفينه
غاصت جموع العائدين
تناثـرت في الليل صيحات حزينه

عمي فرج‏..



قـد قام يصرخ تـحت أشـلاء السـفينه رجل عجوز في خريف العمرمن منكم يعينه رجل
عجوز ….آه يا وطني أمد يدي نحوك ثم يقطعها الظـلام وأظل أصرخ فيك‏:‏ أنقذنا‏..‏ حرام
وتسابق الموت الجبان‏..‏واسودت الدنياوقـام الموت يروي قصة البسطاء في زمن
التـخاذل والتنـطـع والهوان‏..‏وسحابة الموت الكـئيب تـلف أرجاء المكـان


عمي فرج‏

بين الضحايا كان يغمض عينـه والموج يحفر قبره بين الشـعاب‏.‏وعلي يديه تـطل
مسبحةويهمس في عتاب الآن يا وطـني أعود إليك
تـوصد في عيوني كل باب لم ضقـت يا وطني بـنـاقد كـان حلـمي أن يزول الهم عني‏..عند
بابـك قد كان حلمي أن أري قبري علي أعتابـك الملح كفـنني وكان الموج أرحم من عذابـك
ورجعت كـي أرتاح يوما في رحابك وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك



فبخلت يوما بالسكن والآن تبخـل بالكفـن

السبت، 18 أكتوبر 2008

مقامة لبديع الزمان الهمزانى

حدثنا عيسى بن هشام قال : اشتهيت الأزاد وأنا ببغداد , وليس معي عقد على نقد





فخرجت أنتهز محاله , حتى أحلني الكرخ . فإذا انا بسوادي يسوق بالجهد حماره





ويطرف بالعقد إزاره .






فقلت : ( ظفرنا - والله بصيد وحياك الله أبا زيد . من أين أقبلت؟ وأين نزلت؟ ومتى





وافيت؟ وهلم إلى البيت ).






فقال السوادي : ( لست بأبي زيد لكني أبو عبيد)






فقلت : ( نعم لعن الله الشيطان , وأبعد النسيان , أنسانيك طول العهد , واتصال البعد ,





فكيف حال أبيك؟ أشاب كعهدي , أم شاب بعدي؟ ).






فقال : ( قد نبت الربيع على دمنته , وأرجو ان يصيره الله إلى جنته )








فقلت : ( إنا لله وإنا إليه راجعون , ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ) . ومددت يد





البدار إلى الصدار أريد تمزيقه , فقبض السوادي على خصري يجمعه وقال : ( نشدتك الله





لا مزقته )






فقلت : ( هلم إلى البيت نصيب غداء أو إلى السوق نشتر شواء . والسوق أقرب .





وطعامه أطيب ) .فاستفزته حمة القرم , وعطفته عاطفة اللقم , وطمع ولم يعلم أنه





وقع .ثم أتينا شواء يتقاطر شواؤه عرقًا وتتسايل جوذاباته مرقا ,






فقلت : افرز لأبي زيد من هذا الشواء , ثم زن له من تلك الأطباق وانضد عليها أوراق





الرقاق , ورش عليه شيئًا من ماء السماق , ليأكله أبو زيد هنيئًا , فانحنى الشواء





بساطوره على زبدة تنوره , فجعلها كالكحل سحقًا وكالطحن دقًا






ثم جلس وجلست , ولا نبس ولا نبست , حتى استوفيناه .






وقلت لصاحب الحلوى : ( زن لأبي زيد من اللوزينج رطلين , فهو أجرى في الحلوق ,





وأمضى في العروق . وليكن ليلى العمر , يومي النشر رقيق القشر , كثيف الحشو ,





لؤلؤي الدهن , كوكبي اللون , يذوب كالصمغ قبل المضغ , ليأكله أبو زيد هنيئًا )






.فوزنه





, ثم قعد وقعدت , وجرد وجردت حتى استوفيناه






ثم قلت : ( يا أبا زيد ما أحوجنا إلى ماء يشعشع بالثلج , ليقمع هذه الصاره ويفثأ هذه





اللقم الحاره . اجلس يا ابا زيد حتى نأتيك بسقاء , يأتيك بشربة ماء) .ثم خرجت





وجلست حيث أراه ولا يراني , أنظر مايصنع ,






فلما أبطأت عليه قام السوادي إلى حماره , فاعتلق الشواء بإزاره






وقال : ( أين ثمن ما أكلت؟ )






فقال: ( أكلته ضيفًا ).فلكمه لكمة , وثنى عليه بلطمه ,






ثم قال الشواء : هاك ومتى دعوناك؟ زن يا أخى القحة عشرين فجعل السوادي يبكي





ويحل عقده بأسنانه ,






ويقول: ( كم قلت لذاك القريد أنا أبو عبيد , وهو يقول انت ابو زيد ).

الجمعة، 26 سبتمبر 2008

الحرية...........للشاعر أحمد مطر



أخبرنا أستاذي يوما عن شئ يدعى الحرية

فسألت الأستاذ بلطف أن يتكلم بالعربية
ماهذا اللفظ وما تعنى وأية شئ حرية
هل هى مصطلح يونانى عن بعض الحقب الزمنية
أم أشياء نستوردها أومصنوعات وطنية
فأجاب معلمنا حزنا .....وأنساب الدمع بعفوية
قدأنسوكم كل التاريخ وكل القيم العلوية

أسفى ان تخرج أجيال لاتفهم معنى الحرية
لاتملك سيفا أو قلما لاتحمل فكرا وهوية

وعلمت بموت مدرسنا فى الزنزانات الفردية

فنذرت لئن أحيانى الله وكانت بالعمر بقية

لأجوب الارض بأكملها بحثا عن معنى الحرية

وقصدت نوادى أمتنا أسألهم أين الحرية

فتواروا عن بصرى هلعا وكأن قنابل ذرية

ستفجر فوق رؤوسهم وتبيد جميع البشرية

وأتى رجل يسعى وجلا وحكا همسا وبسرية

أحرف كلماتك شوكية

هذارجس هذا شرك فى دين دعاة الوطنية

ارحل فتراب مدينتنا يحوى أذانا مخفية

تسمع مالايحكى أبدا وترى قصصا بوليسية

ويكون المجرم حضرتكم والخائن حامى الشرعية

ويلفق حولك تدبير لأطاحة نظم ثورية

وببيع روابى بلدتنا يوم الحرب التحريرية

وبأشياء لاتعرفها وخيانات للقومية


وتساق الى ساحات الموت عميلا للصهيونية


وأختتم النصح بقولتة وبلهجتة التحذيرية

لم أسمع شيئالم أر كم ما كنا نذكر حرية


هل تفهم؟

عندى أطفال

كفراخ الطير البرية

الجمعة، 19 سبتمبر 2008

هذى بلاد لم تعد كبلادى


كم عشتُ أسألُ: أين وجهُ بلادي أين النخـيلُ وأين دفءُ الوادي


لا شيء يبدو في السَّماءِ أمامَنَاغيرُ الظـلام ِوصـورةِ الجلاد


هو لا يغيبُ عن العيـون ِكأنه قدرٌٌ.. كيـوم ِ البعثِ والميلادِ


قـَدْ عِشْتُ أصْرُخُ بَينَكُمْ وأنَادي أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِلال ِ رَمَادِ


أهْفـُو لأرْض ٍلا تـُسَاومُ فَرْحَتِي لا تـَسْتِبيحُ كَرَامَتِي.. وَعِنَـادِي


أشْتـَاقُ أطـْفـَالاًً كَحَبَّاتِ النـَّدَي يتـَراقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي


أهْفـُو لأيـَّام ٍتـَـوَارَى سِحْرُهَا صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ


اشْتـَقـْتُ يوْمًا أنْ تـَعـُودَ بـِلادِي غابَتْ وَغِبْنـَا.. وَانـْتهَتْ ببعَادِي


فِي كـُلِّ نَجْم ٍ ضَلَّ حُلْـمٌ ضَائـِع ٌوَسَحَابَةٌٌ لـَبسـَتْ ثيـَابَ حِـدَادِ


وَعَلَى الـْمَدَى أسْـرَابُ طـَير ٍرَاحِل ٍنـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَـرَادِ


هَذِي بِلادٌ تـَاجَرَتْ فـِي عِرْضِهـَا وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُلِّ مَزَادِ


لَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَى الأسَى تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيـادِ


فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبـُوع بـِلادِي تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَلادِ


لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِعُ أرْضَهَا حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي


لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُرَاخ ِ أمـْس ٍ رَاحِل ٍوَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْدَادِ


وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيفَ عُيـُونِنـَا بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ


مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْم ٍ شـَـاردٍ مَاعَادَ فِيها صَوْتُ طــَير ٍشـَادٍ


تـَمْضِي بِنَا الأحْزَانُ سَاخِـرَةً بـِنَا وَتـَزُورُنـَا دَوْمًا بــِلا مِيعَـادِ


شَيءُ تَكـَسَّرَ فِي عُيونـِي بَعْدَمَـا ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي


أحْبَبْتـُهَا حَتـَّى الثـُّمَالـَة َ بَينـَمَا بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغــَادِ


لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْـح ٍكـَاذِبٍ وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظى اسْتِعْبَادِ


لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بـِلادِي عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْـهَادِي


فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَرْخَة ٌكـَانـَتْ تـُهَرْولُ خَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي


الأفـْقُ يصْغُرُ.. والسَّمَـــاءُ كَئِيبَة ٌخـَلـْفَ الغُيوم ِأرَى جـِبَالَ سَـوَادِ


تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَوْقَ رُؤُوسِنـَا والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتــَادِي


نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـدِ مَلامحٌ وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـَــادِ


وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـرٌفرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـدَادِ


أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِقُ بَعْضَهـَا كـَوَدَاع ِ أحْبَـابٍ بــِلا مِيعــَادِ


البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـا تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ.. فِي الأجْسَادِ


حَتـَّى الشَّهَادَة ُراوَغـَتـْنِي لـَحْظـَةً وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي


هَذا قـَمِيصِي فِيهِ وَجْــهُ بُنـَيتِي وَدُعَاءُ أمي .."كِيسُ" مِلــْح ٍزَادِي


رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيصَ فـَقـَدْ رَأتْمَا لا أرَى منْ غـُرْبَتِي وَمُــرَادِي


وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـي غفلـةٍ حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفــْسَادِ


شَاهَدْتُ مِنْ خَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبـًا للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ


كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنَا وَالـْعُمْرُ يبْكِي.. وَالـْحَنِينُ ينَادِي


مَا بَينَ عُمْـر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـًا وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَا أوْلادِي


عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـَا وَمَضى وَرَاءَ المَالِ والأمْجـَادِ


كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـَا ضَاقـَتْ بـِنـَا وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلـِّصِّ والقـَـوَّادِ!


في لَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَناثـَرَتْ حَوْلِي مَرَايا المَــوْتِ والمِيـَـلادِ


قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لمَحْتُ علـَى الـْمَـدَى وَالنبْضُ يخْبُو.. صُورَة ُالجـَــلادِ


قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَةُ حَوْلـَـهُ وَعَلى امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الــوَادِي


وَصَرَخْتُ.. وَالـْكَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فمِي:هَذِي بـِلادٌ.. لمْ تـَعُــدْ كـَبـِلادِي